فصل: عِلّةُ الْوُضُوءِ مَنْ أَكْلِ لَحْمِ الْجَمَلِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: زاد المعاد في هدي خير العباد (نسخة منقحة)



.لَحْمُ الضّأْنِ:

لَحْمُ الضّأْنِ حَارّ فِي الثّانِيَةِ رَطْبٌ فِي الْأُولَى جَيّدُهُ الْحَوْلِيّ يُوَلّدُ الدّمَ الْمَحْمُودَ الْقَوِيّ لِمَنْ جَادَ هَضْمُهُ يَصْلُحُ لِأَصْحَابِ الْأَمْزِجَةِ الْبَارِدَةِ وَالْمُعْتَدِلَةِ وَلِأَهْلِ الرّيَاضَاتِ التّامّةِ فِي الْمَوَاضِعِ وَالْفُصُولِ الْبَارِدَةِ نَافِعٌ لِأَصْحَابِ الْمِرّةِ السّوْدَاءِ يُقَوّي الذّهْنَ وَالْحِفْظَ. وَلَحْمٌ الْهَرِمِ وَالْعَجِيفِ رَدِيءٌ وَكَذَلِكَ لَحْمُ النّعَاجِ وَأَجْوَدُهُ لَحْمُ الذّكَرِ الْأَسْوَدِ أَخَفّ وَأَلَذّ وَأَنْفَعُ وَالْخَصِيّ أَنْفَعُ وَأَجْوَدُ وَالْأَحْمَرُ مِنْ الْحَيَوَانِ السّمِينُ أَخَفّ وَأَجْوَدُ غِذَاءً وَالْجَذَعُ مِنْ الْمَعْزِ أَقَلّ تَغْذِيَةً وَيَطْفُو فِي الْمَعِدَةِ. وَأَفْضَلُ اللّحْمِ عَائِذُهُ بِالْعَظْمِ وَالْأَيْمَنُ أَخَفّ وَأَجْوَدُ مِنْ الْأَيْسَرِ وَالْمُقَدّمُ أَفْضَلُ مِنْ الْمُؤَخّرِ وَكَانَ أَحَبّ الشّاةِ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مُقَدّمُهَا وَكُلّ مَا عَلَا مِنْهُ سِوَى الرّأْسِ كَانَ أَخَفّ وَأَجْوَدَ مِمّا سَفَلَ وَأَعْطَى الْفَرَزْدَقُ رَجُلًا يَشْتَرِي لَهُ لَحْمًا وَقَالَ لَهُ خُذْ الْمُقَدّمَ وَإِيّاكَ وَالرّأْسَ وَالْبَطْنَ فَإِنّ الدّاءَ فِيهِمَا. وَلَحْمُ الْعُنُقِ جَيّدٌ لَذِيذٌ سَرِيعُ الْهَضْمِ خَفِيفٌ وَلَحْمُ الذّرَاعِ أَخَفّ اللّحْمِ وَأَلَذّهُ وَأَلْطَفُهُ وَأَبْعَدُهُ مِنْ الْأَذَى وَأَسْرَعُهُ انْهِضَامًا. وَفِي الصّحِيحَيْنِ: أَنّهُ كَانَ يُعْجِبُ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَلَحْمُ الظّهْرِ كَثِيرُ الْغِذَاءِ يُوَلّدُ دَمًا مَحْمُودًا. وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ مَرْفُوعًا: «أَطْيَبُ اللّحْمِ لَحْمُ الظّهْر».

.لَحْمُ الْمَعْزِ:

لَحْمُ الْمَعْزِ قَلِيلُ الْحَرَارَةِ يَابِسٌ وَخَلْطُهُ الْمُتَوَلّدُ مِنْهُ لَيْسَ بِفَاضِلٍ وَلَيْسَ بِجَيّدِ الْهَضْمِ وَلَا مَحْمُودِ الْغِذَاءِ. وَلَحْمُ التّيْسِ رَدِيءٌ مُطْلَقًا شَدِيدُ الْيُبْسِ عَسِرُ الِانْهِضَامِ مُوَلّدٌ لِلْخَلْطِ السّوْدَاوِيّ. قَالَ الْجَاحِظُ: قَالَ لِي فَاضِلٌ مِنْ الْأَطِبّاءِ يَا أَبَا عُثْمَانَ إيّاكَ وَلَحْمَ الْمَعْزِ فَإِنّهُ يُورِثُ الْغَمّ وَيُحَرّكُ السّوْدَاءَ وَيُورِثُ النّسْيَانَ وَيُفْسِدُ الدّمَ وَهُوَ وَاَللّهِ يَخْبِلُ الْأَوْلَادَ. وَقَالَ بَعْضُ الْأَطِبّاءِ إنّمَا الْمَذْمُومُ مِنْهُ الْمُسِنّ وَلَا سِيّمَا لِلْمُسِنّينَ وَلَا رَدَاءَةَ وَجَالِينُوسُ جَعَلَ الْحَوْلِيّ مِنْهُ مِنْ الْأَغْذِيَةِ الْمُعْتَدِلَةِ الْمُعَدّلَةِ للكيموس الْمَحْمُودِ وَإِنَاثُهُ أَنْفَعُ مِنْ ذُكُورِهِ. وَقَدْ رَوَى النّسَائِيّ فِي سُنَنِهِ عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَحْسِنُوا إلَى الْمَاعِزِ وَأَمِيطُوا عَنْهَا الْأَذَى فَإِنّهَا مِنْ دَوَابّ الْجَنّةِ وَفِي ثُبُوتِ هَذَا الْحَدِيثِ نَظَرٌ. وَحُكْمُ الْأَطِبّاءِ عَلَيْهِ بِالْمَضَرّةِ حُكْمٌ جُزْئِيّ لَيْسَ بِكُلّيّ عَامّ وَهُوَ بِحَسَبِ الْمَعِدَةِ الضّعِيفَةِ وَالْأَمْزِجَةِ الضّعِيفَةِ الّتِي لَمْ تَعْتَدْهُ وَاعْتَادَتْ الْمَأْكُولَاتِ اللّطِيفَةَ وَهَؤُلَاءِ أَهْلُ الرّفَاهِيَةِ مِنْ أَهْلِ الْمُدُنِ وَهُمْ الْقَلِيلُونَ مِنْ النّاسِ.

.لَحْمُ الْجَدْي:

لَحْمُ الْجَدْيِ قَرِيبٌ إلَى الِاعْتِدَالِ خَاصّةً مَا دَامَ رَضِيعًا وَلَمْ يَكُنْ قَرِيبَ الْعَهْدِ بِالْوِلَادَةِ وَهُوَ أَسْرَعُ هَضْمًا لِمَا فِيهِ مِنْ قُوّةِ اللّبَنِ مُلَيّنٌ لِلطّبْعِ مُوَافِقٍ لِأَكْثَرِ النّاسِ فِي أَكْثَرِ الْأَحْوَالِ وَهُوَ أَلْطَفُ مِنْ لَحْمِ الْجَمَلِ وَالدّمُ الْمُتَوَلّدُ عَنْهُ مُعْتَدِلٌ.

.لَحْمُ الْبَقَر:

لَحْمُ الْبَقَرِ بَارِدٌ يَابِسٌ عَسِرُ الِانْهِضَامِ بَطِيءُ الِانْحِدَارِ يُوَلّدُ دَمًا سَوْدَاوِيّا لَا يَصْلُحُ إلّا لِأَهْلِ الْكَدّ وَالتّعَبِ الشّدِيدِ وَيُورِثُ إدْمَانُهُ الْأَمْرَاضَ السّوْدَاوِيّةَ كَالْبَهَقِ وَالْجَرَبِ وَالْقُوبَاءِ وَالْجُذَامِ وَدَاءِ الْفِيلِ وَالسّرَطَانِ وَالْوَسْوَاسِ وَحُمّى الرّبْعِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْأَوْرَامِ وَهَذَا لِمَنْ لَمْ يَعْتَدْهُ أَوْ لَمْ يَدْفَعْ ضَرَرَهُ بِالْفُلْفُلِ وَالثّومِ والدارصيني وَالزّنْجَبِيلِ وَنَحْوِهِ وَذَكَرُهُ أَقَلّ بُرُودَةً وَأُنْثَاهُ أَقَلّ يُبْسًا. وَلَحْمُ الْعِجْلِ وَلَا سِيّمَا السّمِينُ مِنْ أَعْدَلِ الْأَغْذِيَةِ وَأَطْيَبِهَا وَأَلَذّهَا وَأَحْمَدِهَا وَهُوَ حَارّ رَطْبٌ وَإِذَا انْهَضَمَ غَذّى غِذَاءً قَوِيّا.

.لَحْمُ الْفَرَسِ:

لَحْمُ الْفَرَسِ: ثَبَتَ فِي الصّحِيحِ عَنْ أَسْمَاءَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا قَالَتْ نَحَرْنَا فَرَسًا فَأَكَلْنَاهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَثَبَتَ عَنْهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنّهُ أَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ وَنَهَى عَنْ لُحُومِ الْحُمُر أَخْرَجَاهُ فِي الصّحِيحَيْنِ. وَلَا يَثْبُتُ عَنْهُ حَدِيثُ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ- رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ- أَنّهُ نَهَى عَنْهُ. قَالَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ.

.سَبَبُ اقْتِرَانِ الْخَيْلِ مَعَ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ فِي الْقُرْآنِ:

وَاقْتِرَانُهُ بِالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ فِي الْقُرْآنِ لَا يَدُلّ عَلَى أَنّ حُكْمَ لَحْمِهِ حُكْمُ لُحُومِهَا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ كَمَا لَا يَدُلّ عَلَى أَنّ حُكْمَهَا فِي السّهْمِ فِي الْغَنِيمَةِ حُكْمُ الْفَرَسِ وَاللّهُ سُبْحَانَهُ يَقْرِنُ فِي الذّكْرِ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَاتِ تَارَةً وَبَيْنَ الْمُخْتَلِفَاتِ وَبَيْنَ الْمُتَضَادّاتِ وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ: {لِتَرْكَبُوهَا} [النّحْلُ 8] مَا يَمْنَعُ مِنْ أَكْلِهَا كَمَا لَيْسَ فِيهِ مَا يَمْنَعُ مِنْ غَيْرِ الرّكُوبِ مِنْ وُجُوهِ الِانْتِفَاعِ وَإِنّمَا نَصّ عَلَى أَجَلّ مَنَافِعِهَا وَهُوَ الرّكُوبُ وَالْحَدِيثَانِ فِي حِلّهَا صَحِيحَانِ لَا مُعَارِضَ لَهُمَا وَبَعْدُ فَلَحْمُهَا حَارّ يَابِسٌ غَلِيظٌ سَوْدَاوِيّ مُضِرّ لَا يَصْلُحُ لِلْأَبْدَانِ اللّطِيفَةِ.

.لَحْمُ الْجَمَلِ:

لَحْمُ الْجَمَلِ فَرْقَ مَا بَيْنَ الرّافِضَةِ وَأَهْلِ السّنّةِ كَمَا أَنّهُ أَحَدُ الْفُرُوقِ بَيْنَ الْيَهُودِ وَأَهْلِ الْإِسْلَامِ فَالْيَهُودُ وَالرّافِضَةُ تَذُمّهُ وَلَا تَأْكُلُهُ وَقَدْ عُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ حِلّهُ وَطَالَمَا أَكَلَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَصْحَابُهُ حَضَرًا وَسَفَرًا.

.عِلّةُ الْوُضُوءِ مَنْ أَكْلِ لَحْمِ الْجَمَلِ:

وَلَحْمِ الْفَصِيلِ مِنْهُ مِنْ أَلَذّ اللّحُومِ وَأَطْيَبِهَا وَأَقْوَاهَا غِذَاءً وَهُوَ لِمَنْ اعْتَادَهُ بِمَنْزِلَةِ لَحْمِ الضّأْنِ لَا يَضُرّهُمْ الْبَتّةَ وَلَا يُوَلّدُ لَهُمْ دَاءً وَإِنّمَا ذَمّهُ بَعْضُ الْأَطِبّاءِ بِالنّسْبَةِ إلَى أَهْلِ الرّفَاهِيَةِ مِنْ أَهْلِ الْحَضَرِ الّذِينَ لَمْ يَعْتَادُوهُ فَإِنّ فِيهِ حَرَارَةً وَيُبْسًا وَتَوْلِيدًا لِلسّوْدَاءِ وَهُوَ عَسِرُ الِانْهِضَامِ وَفِيهِ قُوّةٌ غَيْرُ مَحْمُودَةٍ لِأَجْلِهَا أَمَرَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالْوُضُوءِ مِنْ أَكْلِهِ فِي حَدِيثَيْنِ صَحِيحَيْنِ لَا مُعَارِضَ لَهُمَا وَلَا يَصِحّ تَأْوِيلُهُمَا بِغَسْلِ الْيَدِ لِأَنّهُ خِلَافُ الْمَعْهُودِ مِنْ الْوُضُوءِ فِي كَلَامِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِتَفْرِيقِهِ مَنْ مَسّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضّأْ وَأَيْضًا: فَإِنّ آكِلَهَا قَدْ لَا يُبَاشِرُ أَكْلَهَا بِيَدِهِ بِأَنْ يُوضَعَ فِي فَمِهِ فَإِنْ كَانَ وُضُوءُهُ غَسْلَ يَدِهِ فَهُوَ عَبَثٌ وَحَمْلٌ لِكَلَامِ الشّارِعِ عَلَى غَيْرِ مَعْهُودِهِ وَعُرْفِهِ وَلَا يَصِحّ مُعَارَضَتُهُ بِحَدِيثٍ كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ تَرْكَ الْوُضُوءِ مِمّا مَسّتْ النّارُ لِعِدّةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا: أَنّ هَذَا عَامّ وَالْأَمْرُ بِالْوُضُوءِ مِنْهَا خَاصّ.
الثّانِي: أَنّ الْجِهَةَ مُخْتَلِفَةٌ فَالْأَمْرُ بِالْوُضُوءِ مِنْهَا بِجِهَةِ كَوْنِهَا لَحْمَ إبِلٍ سَوَاءٌ كَانَ نِيئًا أَوْ مَطْبُوخًا أَوْ قَدِيدًا وَلَا تَأْثِيرَ لِلنّارِ فِي الْوُضُوءِ وَأَمّا تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمّا مَسّتْ النّارُ فَفِيهِ بَيَانُ أَنّ مَسّ النّارِ لَيْسَ بِسَبَبٍ لِلْوُضُوءِ فَأَيْنَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ؟ هَذَا فِيهِ إثْبَاتُ سَبَبِ الْوُضُوءِ وَهُوَ كَوْنُهُ لَحْمَ إبِلٍ وَهَذَا فِيهِ نَفْيٌ لِسَبَبِ الْوُضُوءِ وَهُوَ كَوْنُهُ مَمْسُوسَ النّارِ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا بِوَجْهٍ.
الثّالِثُ أَنّ هَذَا لَيْسَ فِيهِ حِكَايَةَ لَفْظٍ عَامّ عَنْ صَاحِبِ الشّرْعِ وَإِنّمَا هُوَ إخْبَارٌ عَنْ وَاقِعَةِ فِعْلٍ فِي أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا مُتَقَدّمٌ عَلَى الْآخَرِ كَمَا جَاءَ ذَلِكَ مُبَيّنًا فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ أَنّهُمْ قَرّبُوا إلَى النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَحْمًا فَأَكَلَ ثُمّ حَضَرَتْ فَتَوَضّأَ فَصَلّى ثُمّ قَرّبُوا إلَيْهِ فَأَكَلَ ثُمّ صَلّى وَلَمْ يَتَوَضّأْ فَكَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْهُ تَرْكَ الْوُضُوءِ مِمّا مَسّتْ النّارُ هَكَذَا جَاءَ الْحَدِيثُ فَاخْتَصَرَهُ الرّاوِي لِمَكَانِ الِاسْتِدْلَالِ فَأَيْنَ فِي هَذَا مَا يَصْلُحُ لِنَسْخِ الْأَمْرِ بِالْوُضُوءِ مِنْهُ حَتّى لَوْ كَانَ لَفْظًا عَامّا مُتَأَخّرًا مُقَاوِمًا لَمْ يَصْلُحْ لِلنّسْخِ وَوَجَبَ تَقْدِيمُ الْخَاصّ عَلَيْهِ وَهَذَا فِي غَايَةِ الظّهُورِ.

.لَحْمُ الضّبّ:

لَحْمُ الضّبّ تَقَدّمَ الْحَدِيثُ فِي حِلّهِ وَلَحْمُهُ حَارّ يَابِسٌ يُقَوّي شَهْوَةَ الْجِمَاعِ.

.لَحْمُ الْغَزَالِ:

لَحْمُ الْغَزَالِ الْغَزَالُ أَصْلَحُ الصّيْدِ وَأَحْمَدُهُ لَحْمًا وَهُوَ حَارّ يَابِسٌ وَقِيلَ مُعْتَدِلٌ جِدّا نَافِعٌ لِلْأَبْدَانِ الْمُعْتَدِلَةِ الصّحِيحَةِ وَجَيّدُهُ الْخِشْفُ.

.لَحْمُ الظّبْيِ:

لَحْمُ الظّبْيِ حَارّ يَابِسٌ فِي الْأَوْلَى مُجَفّفٌ لِلْبَدَنِ صَالِحٌ لِلْأَبْدَانِ الرّطْبَةِ. قَالَ صَاحِبُ الْقَانُونِ: وَأَفْضَلُ لُحُومِ الْوَحْشِ لَحْمُ الظّبْيِ مَعَ مَيْلِهِ إلَى السّوْدَاوِيّةِ.

.لَحْمُ الْأَرَانِبِ:

لَحْمُ الْأَرَانِبِ ثَبَتَ فِي الصّحِيحَيْنِ: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا فَسَعَوْا فِي طَلَبِهَا فَأَخَذُوهَا فَبَعَثَ أَبُو طَلْحَةَ بِوَرِكِهَا إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَبِلَهُ لَحْمُ الْأَرْنَبِ مُعْتَدِلٌ إلَى الْحَرَارَةِ وَالْيُبُوسَةِ وَأَطْيَبُهَا وَرِكُهَا وَأَحْمَدُهُ أَكْلُ لَحْمِهَا مَشْوِيّا وَهُوَ يُعْقِلُ الْبَطْنَ وَيُدِرّ الْبَوْلَ وَيُفَتّتُ الْحَصَى وَأَكْلُ رُءُوسِهَا يَنْفَعُ مِنْ الرّعْشَةِ.

.لَحْمُ حِمَارِ الْوَحْشِ:

لَحْمُ حِمَارِ الْوَحْشِ ثَبَتَ فِي الصّحِيحَيْنِ: مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَنّهُمْ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي بَعْضِ عُمْرِهِ وَأَنّهُ صَادَ حِمَارَ وَحْشٍ فَأَمَرَهُمْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِأَكْلِهِ وَكَانُوا مُحْرِمِينَ وَلَمْ يَكُنْ أَبُو قَتَادَةَ مُحْرِمًا. وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ: عَنْ جَابِرٍ قَالَ أَكَلْنَا زَمَنَ خَيْبَرَ الْخَيْلَ وَحُمُرَ الْوَحْشِ.

.لَحْمُ الْوُحُوشِ:

لَحْمُهُ حَارّ يَابِسٌ كَثِيرُ التّغْذِيَةِ مُوَلّدٌ دَمًا غَلِيظًا سَوْدَاوِيّا إلّا أَنّ شَحْمَهُ نَافِعٌ مَعَ دُهْنِ الْقُسْطِ لِوَجَعِ الظّهْرِ وَالرّيحِ الْغَلِيظَةِ الْمُرْخِيَةِ لِلْكُلَى وَشَحْمُهُ جَيّدٌ لِلْكَلَفِ طِلَاءً وَبِالْجُمْلَةِ فَلُحُومُ الْوُحُوشِ كُلّهَا تُوَلّدُ دَمًا غَلِيظًا سَوْدَاوِيّا وَأَحْمَدُهُ الْغَزَالُ وَبَعْدَهُ الْأَرْنَبُ.

.لُحُومُ الْأَجِنّةِ وَحُكْمُ أَكْلِهَا:

لُحُومُ الْأَجِنّةِ غَيْرُ مَحْمُودَةٍ لِاحْتِقَانِ الدّمِ فِيهَا وَلَيْسَتْ بِحَرَامٍ لِقَوْلِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمّهِ وَمَنَعَ أَهْلُ الْعِرَاقِ مِنْ أَكْلِهِ إلّا أَنْ يُدْرِكَهُ حَيّا فَيُذَكّيَهُ وَأَوّلُوا الْحَدِيثَ عَلَى أَنّ الْمُرَادَ بِهِ أَنّ ذَكَاتَهُ كَذَكَاةِ أُمّهِ. قَالُوا: فَهُوَ حُجّةٌ عَلَى التّحْرِيمِ وَهَذَا فَاسِدٌ فَإِنّ أَوّلَ الْحَدِيثِ أَنّهُمْ سَأَلُوا رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللّهِ نَذْبَحُ الشّاةَ فَنَجِدُ فِي بَطْنِهَا جَنِينًا أَفَنَأْكُلُهُ؟ فَقَالَ كُلُوهُ إنْ شِئْتُمْ فَإِنّ ذَكَاتَهُ ذَكَاةُ أُمّهِ وَأَيْضًا: فَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي حِلّهُ فَإِنّهُ مَا دَامَ حَمْلًا فَهُوَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الْأُمّ فَذَكَاتُهَا ذَكَاةٌ لِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا وَهَذَا هُوَ الّذِي أَشَارَ إلَيْهِ صَاحِبُ الشّرْعِ سَائِرِ أَجْزَائِهَا فَلَوْ لَمْ تَأْتِ عَنْهُ السّنّةُ الصّرِيحَةُ بِأَكْلِهِ لَكَانَ الْقِيَاسُ الصّحِيحُ يَقْتَضِي حِلّهُ.

.لَحْمُ الْقَدِيدِ:

لَحْمُ الْقَدِيدِ فِي السّنَنِ مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ ذَبَحْت لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ شَاةً وَنَحْنُ مُسَافِرُونَ فَقَالَ أَصْلِحْ لَحْمَهَا فَلَمْ أَزَلْ أُطْعِمُهُ مِنْهُ إلَى الْمَدِينَةِ الْقَدِيدُ أَنْفَعُ مِنْ النمكسود وَيُقَوّي الْأَبْدَانَ وَيُحْدِثُ حَكّةً وَدَفْعُ ضَرَرِهِ بِالْأَبَازِيرِ الْبَارِدَةِ الرّطْبَةِ وَيُصْلِحُ الْأَمْزِجَةَ الْحَارّةَ والنمكسود: حَارّ يَابِسٌ مُجَفّفٌ جَيّدُهُ مِنْ السّمِينِ الرّطْبِ يَضُرّ بِالْقُولَنْجِ وَدَفْعُ مَضَرّتِهِ طَبْخُهُ باللبن والدهن، ويصلح للمزاج الحار الرطب.

.فَصْلٌ فِي لُحُومِ الطّيْر:

قَالَ اللّهُ تَعَالَى: {وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمّا يَشْتَهُونَ} [الْوَاقِعَةُ 21]. وَفِي مُسْنَدِ الْبَزّارِ وَغَيْرِهِ مَرْفُوعًا إنّكَ لَتَنْظُرُ إلَى الطّيْرِ فِي الْجَنّةِ فَتَشْتَهِيهِ فَيَخِرّ مَشْوِيّا بَيْنَ يَدَيْكَ.

.الْحَرَامُ مِنْ الطّيُور:

وَمِنْهُ حَلَالٌ وَمِنْهُ حَرَامٌ. فَالْحَرَامُ ذُو الْمِخْلَبِ كَالصّقْرِ وَالْبَازِي وَالشّاهِينِ وَمَا يَأْكُلُ الْجِيَفَ كَالنّسْرِ وَالرّخَمِ وَاللّقْلَقِ وَالْعَقْعَقِ وَالْغُرَابِ الْأَبْقَعِ وَالْأَسْوَدِ الْكَبِيرِ وَمَا نُهِيَ عَنْ قَتْلِهِ كَالْهُدْهُدِ وَالصّرَدِ وَمَا أُمِرَ بِقَتْلِهِ كَالْحِدَأَةِ وَالْغُرَابِ.

.لَحْمُ الدّجَاجِ:

وَالْحَلَالُ أَصْنَافٌ كَثِيرَةٌ فَمِنْهُ الدّجَاجُ فَفِي الصّحِيحَيْنِ: مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَكَلَ لَحْمَ الدّجَاجِ وَهُوَ حَارّ رَطْبٌ فِي الْأَوْلَى خَفِيفٌ عَلَى الْمَعِدَةِ سَرِيعُ الْهَضْمِ جَيّدُ الْخَلْطِ يَزِيدُ فِي الدّمَاغِ وَالْمَنِيّ وَيُصَفّي الصّوْتَ وَيُحَسّنُ اللّوْنَ وَيُقَوّي الْعَقْلَ وَيُوَلّدُ دَمًا جَيّدًا وَهُوَ مَائِلٌ إلَى الرّطُوبَةِ وَيُقَالُ إنّ مُدَاوَمَةَ أَكْلِهِ تُورِثُ النّقْرِسُ وَلَا يَثْبُتُ ذَلِكَ.

.لَحْمُ الدّيكِ:

وَلَحْمُ الدّيكِ أَسْخَنُ مِزَاجًا وَأَقَلّ رُطُوبَةً وَالْعَتِيقُ مِنْهُ دَوَاءٌ يَنْفَعُ الْقُولَنْجَ وَالرّبْوَ وَالرّيَاحَ الْغَلِيظَةَ إذَا طُبِخَ بِمَاءِ الْقُرْطُمِ وَالشّبْثِ وَخَصِيّهَا مَحْمُودُ الْغِذَاءِ سَرِيعُ الِانْهِضَامِ وَالْفَرَارِيجُ سَرِيعَةُ الْهَضْمِ مُلَيّنَةٌ لِلطّبْعِ وَالدّمُ الْمُتَوَلّدُ مِنْهَا دَمٌ لَطِيفٌ جَيّدٌ.

.لَحْمُ الدّرّاجِ:

لَحْمُ الدّرّاجِ حَارّ يَابِسٌ فِي الثّانِيَةِ خَفِيفٌ لَطِيفٌ سَرِيعُ الِانْهِضَامِ مُوَلّدٌ لِلدّمِ الْمُعْتَدِلِ وَالْإِكْثَارُ مِنْهُ يُحِدّ الْبَصَرَ.

.لَحْمُ الْحَجَلِ:

لَحْمُ الْحَجَلِ يُوَلّدُ الدّمَ الْجَيّدَ سَرِيعُ الِانْهِضَامِ.

.لَحْمُ الْإِوَزّ:

لَحْمُ الْإِوَزّ. حَارّ يَابِسٌ رَدِيءُ الْغِذَاءِ إذَا اُعْتِيدَ وَلَيْسَ بِكَثِيرِ الْفُضُولِ.

.لَحْمُ الْبَطّ:

لَحْمُ الْبَطّ حَارّ رَطْبٌ كَثِيرُ الْفُضُولِ عَسِرُ الِانْهِضَامِ غَيْرُ مُوَافِقٍ لِلْمَعِدَةِ.

.لَحْمُ الْحُبَارَى:

لَحْمُ الْحُبَارَى: فِي السّنَنِ. مِنْ حَدِيثِ بُرَيْهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ سَفِينَةَ عَنْ أَبِيهِ جَدّهِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ أَكَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَحْمَ حُبَارَى وَهُوَ حَارّ يَابِسٌ عَسِرُ الِانْهِضَامِ نَافِعٌ لِأَصْحَابِ الرّيَاضَةِ وَالتّعَبِ.

.لَحْمُ الْكُرْكِيّ:

لَحْمُ الْكُرْكِيّ يَابِسٌ خَفِيفٌ وَفِي حَرّهِ وَبَرْدِهِ خِلَافٌ يُوَلّدُ دَمًا سَوْدَاوِيّا وَيَصْلُحُ لِأَصْحَابِ الْكَدّ وَالتّعَبِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُتْرَكَ بَعْدَ ذَبْحِهِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمّ يُؤْكَلُ.

.لَحْمُ الْعَصَافِيرِ وَالْقَنَابِر:

لَحْمُ الْعَصَافِيرِ وَالْقَنَابِرِ رَوَى النّسَائِيّ فِي سُنَنِهِ: مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ مَا مِنْ إنْسَانٍ يَقْتُلُ عُصْفُورًا فَمَا فَوْقَهُ بِغَيْرِ حَقّهِ إلّا سَأَلَهُ اللّهُ عَزّ وَجَلّ عَنْهَا. قِيلَ يَا رَسُولَ اللّهِ وَمَا حَقّهُ؟ قَالَ تَذْبَحُهُ فَتَأْكُلَهُ وَلَا تَقْطَعُ رَأْسَهُ وَتَرْمِي بِهِ وَفِي سُنَنِهِ أَيْضًا: عَنْ عَمْرِو بْنِ الشّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقُولُ مَنْ قَتَلَ عُصْفُورًا عَبَثًا عَجّ إلَى اللّهِ يَقُولُ يَا رَبّ إنّ فُلَانًا قَتَلَنِي عَبَثًا وَلَمْ يَقْتُلْنِي لِمَنْفَعَة وَلَحْمُهُ حَارّ يَابِسٌ عَاقِلٌ لِلطّبِيعَةِ يَزِيدُ فِي الْبَاهِ وَمَرَقُهُ يُلَيّنُ الطّبْعَ وَيَنْفَعُ الْمَفَاصِلَ وَإِذَا أُكِلَتْ أَدْمِغَتُهَا بِالزّنْجَبِيلِ وَالْبَصَلِ هَيّجَتْ شَهْوَةَ الْجِمَاعِ وَخَلْطُهَا غَيْرُ مَحْمُودٍ.